7 أكتوبر 2015

الفارس و الشاعر عبدالله بن نويفع ( الأويفة)

اسمه و نسبه :  عبدالله بن نويفع بن عليثة بن نافع الشاماني، من بني جابر، من بني عمرو، من حرب. والأويفة: تصغير آفة، لُقب بذلك لدهائه و قوة بأسه .

مولده :

ولد الفارس و الشاعر الكبير عبدالله الأويفة في أوائل القرن الرابع عشر الهجري ،وعاش جزءاً كبيراً من حياته قبل توحيد البلاد، حيث الاضطرابات والغارات والثأرات، ثم أدرك ظهور الإخوان وعنفوانهم ضد خصومهم، و أدرك مرحلة الاستقرار والأمن في العهد السعودي الزاهر. وعاش حتى هرم وفقد بصره في آخر حياته، إلى أن توفي في حدود سنة 1387هـ، رحمه الله وعفا عنا وعنه.

نشأ الأوفيه في بيت  يزخر  بأقصى مايتمنى عربي أن يشب عليه،  فوالده الفارس  الشاعرالذي لا يشق له غبار الشيخ/ نويفع بن عليثه الشاماني،  شيخ القبيلة المحنك الذي تولى قيادتها في أحلك الظروف، ومن ذلك  أنه لما وقع  الخلاف بين الشوامين وبني جابر  في حادثة مشهورة،  آثر بحنكته الرحيل بقبيلته  على القتال رغم قدرته عليه ، اماعمه  فالقاضي الشهير نافع  بن عليثة   و المشهور ب(نافع بن شامان) و سيأتي الحديث عنه في موضوع مستقل - إن شاء الله- ،،
ولا يرتخي منه بنان.. وله قصص كثيرة ومواقف طريفة لا يتسع المجال لذكرها، لكننا سنذكر بعضها.. فمن شعره الذي يدل على شخصيته الأبيَّة، وهمته العالية، حيث لا يقف في أمنياته عند مغريات الشباب والتغزل بالفتيات رغم ما يعانيه من ود معشوقته، لكنه يتمنى أن تكون له ذلولاً أصيلة توصله ببني عمِّه الذين ابتعد عنهم، وأصبح يتوجد عليهم ليل نهار، حيث يقول:


يا من لقلب وَلّعه ود مخلوق                      توليع نارٍ ولِّعت بالفتيلة


من شافها لا تأمنونه عن البَوْق                 والبَوق والله ما يعز القبيلة


واليوم أنا حافي وفي رجلَيَّهْ ارهوق        يا رب تعطيني من الهجن أصيلة


مَيَّزت واليا كل مطرود ملحوق                وان المنى زاد القلوب الهبيلة


وانا هَوَاي الرَّبع حمَّاية النوق              وان واجهوها في نهار الحفيلة


عِزّي اليا من اعتزى كل صعفوق           ثم ارتدى حظ الوجيه الذليلة


أهل الدلال اللي بها البن مفهوق             وابهارهن الهيل والجنزبيلة

ومن قوله يصف شدة الحر وقسوة حياة البادية في وقته:


سهيل والمرزم تجي له ملاهيب       ان كان ما الله بَرّده بالخريفِ


تلقى وسومه فوق عوج العراقيب     اللي يشيلن القوِي والضعيفِ


وانا إلْيَا شانت علَيّ المشاريب      ازبن على ابن سعود والاّ الشريفِ


قدَّامنا حي يويق المراقيب              ولا بدّنا مما قِدِم، يا لطيفِ



و له مع وصف معاناته الشخصية و شدة الفقر و غلظة الدائنين مواقف، يقول رحمه الله:

يا رازق اللي عيشته بين نارين                 ماله معوشة غير عود القرايش
و ان باعها بريال و الا ريالين                   يحطها في زاد و الا حشايش
وان جيت يم السوق جولي هل الدين   وان جيت ابا اتعذر راعي المال طايش

ومن شعره الاجتماعي الحديث عن بعض المعانة مما شاهده في المجتمع  من مخاللفات للسلوك الاجتماعي السوي كالتناحر بين الأقارب، وفيها أيضاً ابتهال و دعاء للمولى أن يبدل الحال ويفتح أبواب رحمته لعباده بإنزال الغيث، ويسمونه «الرجوع»، تفاؤلاً برجوع الأمطار والخصب والنماء، كما يشكو إرغام البادية على نزول الهجر الذي مارسه الإخوان في بداية توحيد البلاد، لكنه في آخر الأبيات يوصي ابن أخيه عوض بالتمسك بالأخلاق الفاضلة؛ ليحافظ على سمعته؛ لأنه سيكون حديث المجالس إذا غاب عنها:


من عَيّن الحِنّا لراسي بَعَد شاب           من عَيّنه يا عارفين السنوعي


اللي مشيِّبه الردَى بين الاقراب          اشوف بعيوني وتوحي اسموعي


لو الجماعة يا عوض قوم واصحاب     القرم ما يرضى عليك الهزوعي


اليوم ما يَمْلَى القدَح كل حَلاَّب            والصقر يطرحه الحمار النكوعي


الهجرة اللي كلها شر واسباب        واللي حكم بالسيف حكمه يروعي


وعزي لبيت ما يجَوَّد بالاطناب       وعزي لمن جا بالمذاهب دنوعي


لا بد من هَيْض المجالس ليا غاب   وكثر العَمَس ما فيه غير الدموعي

وله من شعر الرثاء قوله يرثي أخاه مُطَيراً:


يا العين عَيَّنتي وديع الركايب   نمر الفهود اللي يحوش الجميلة


أنت ما عينتيه عساه طايب   عقب غليلٍ بالحشا مستشيله


لا والله الاّ من ترجَّاه خايب    واللي يبي يرجيه واعزتي له

وقال أيضاً في رثائه أخيه مطير مخاطباً إبله المسماة الظبيَات:


راعيك يا ظبَيْة قعد في المداهيل   في الوادي اللي مربعه ما يمِلْك


حوزي عن الوادي وراعي جهاجيل  وابكي على راعيك دقك وجلّك

ومن ذلك أيضاً قوله في رثاء الشيخ راشد السحيمي شيخ السحمان، من عوف، من حرب، وكان راشد السحيمي قد سعى في إخراجه من سجن الأمير عبدالعزيز بن إبراهيم عندما غضب عليه وسجنه أيام إمارته للمدينة قبل سنة 1356هـ:


البارحة ثارت علَيّ الحلامي    ومن عقبها كثرت علَيّ الهواجيس


وجدي على راشد وجود الظوامي    اللي عن الما مبطيات مساديس


والله يا لو ان السحيمي اخمامي      ما ابكي على راشد بعيد المناطيس


اليا ركب في الجيش كنه اقطامي      مدَرعات وكل ابوهن ملابيس


وجدي على راشد وجود الظوامي    ومن عقب راشد من يفك المحابيس

و تظل قصيدته التي تسجل إحدى المعارك التي خاضها مع بعض فرسان قبيلته في أعلى وادي الشقرة و التي تعرف بموقعة السليمية) هي الأشهر، حيث يقول فيها:


وشيب عيـني يـوم جونـا يعنـون        و الفكر ضـاع وجت غيـارة ذهونـي

               مثل الحبـال البرق ياللـي تعرفـون       من كثـرهم لعـلهم يـذهبـونـي

 يوم(ن) هـم ركبـوا علينـا يعنـون       ربـعٍ على صـم الرمـك يركبونـي

يبـون قصف العمـر والعمر مازون        واللي وفـا أجله طاح قدمي ودونـي
والربـع لو صكـوا علينـا يهوشون        يثنـون ربـعٍ جعلهـم يسلمـونـي
واللـه ليـا صـاب الضرايب يصيبـون       وأيضـا ليـا منـه ذبـح يذبحونـي
أول عدينـا ثـم نمشي على الهـــون         نرقـص لهـم وهـم لنا يسمنونـي
يوم أكنفونـا مـع مطـاوي وجبنـون        حنـا نطاميهم وهـم يطفـرونـي
الخيـل ترزي ثـم تمشي على الهــون      وخلافـها جيـشٍ يبـي يلحقونـي
نـهوشـهم وهم علينـا يهوشــون         بـمسلبـاتٍ قاضيـات الديونـي
يـوم أختلـط فـي جوشني ذل وغبون        حتـى البراطم كاشفـه عن سنونـي
وآبـوي يوم أذكـر عيـالٍ يطيحـون        عقب غـلاهـم عندنـا يرخصونـي
صـبرت عن جيـشٍ عليهـا يحثـون       وهانـوا عليـه ربعـةٍ ماتـهـونـي
والمنـع واللـه لـو نبيهـم ينـادون          مـا نورحـه منهـم ولا يمنعـونـي
مديـنٍ فيــه الجنـانـه ومجنــون          والجـن طار وطاح له فـي جنونـي
وعقب فراغ القفـش وهـم يعافـون        والكـل طايب خاطـره ومغبونـي
وآلاد ....... يـوم عنـا يهـجـون           عهـدي بهـم يـوم أحتكام المنونـي
يتلـون ...... شـوق غروٍ ومزيـون      عز اللـه إنـي ماأحسبنـه يخونـي
يحسب عيـال الجـد يبـي يـموتون       والموت دوب اللي يبـي ينفدونـي
أقولـهـا راضيـن وألا يضيقــون        نشـره عليهـم مثل ما يشرهونـي



وختاماً.. فإن هذه لمحات سريعة عن شجاع فاتك وشاعر مفوَّه، عانى في حياته شظف العيش ومرارة الحياة، عاش بعيداً عن الإعلام، فضاع معظم شعره، ولم يأخذ ما يستحقه من الشهرة. رحمه الله وعفا عنا وعنه.

* أصل المادة للدكتور/ فايز بن موسى البدراني منشوراً في إحدى الصحف الورقية المحلية.

ليست هناك تعليقات: